التطور العلمى لا يتوقف ودائما ما يأتى بالجديد، وخاصة فى مجال الإخصاب المعملى، حيث شهدت السنوات الأخيره تطورات كبيرة ومذهلة أدت إلى إيجاد طرق جديدة لعلاج الكثير من مشكلات تأخر الحمل وتحقيق حلم الإنجاب.
من أهم هذه المشكلات ما يعرف باسم تأخر الحمل غير معروف السببunexplained infertility )) مثل هذا النوع من تأخر الحمل يحدث لعدد كبير من السيدات، وعلى الرغم من إجراء الفحوص الطبية العديدة واستخدام منشطات التبويض المختلفة والمتكررة، واستخدام منظار البطن والرحم فإنه لا يمكن الوصول إلى سبب واضح او تشخيص دقيق لمثل هذا التاخر فى حدوث الحمل كذلك فإن تأخر الحمل لبعض السيدات اللاتى تجاوزت أعمارهن الأربعين على الرغم من وجود نسب طبيعية من الهرمونات المتحكمة بالتبويض والاستخدام المتكرر لمنشطات التبويض المختلفه وتحليل السائل المنوى الطبيعى للزوج يظل السبب مجهولا.
وهناك نوع آخر من المشكلات وهو الفشل المتكرر فى عمليات أطفال الأنابيب والحقن المجهرى على الرغم من توافر أجنة جيدة يتم زراعتها بالرحم أثناء كل محاولة إلا أنها لا يقدر لها الاستمرار داخل الرحم
ويجب ألا نفقد الأمل، حيث إن التقنيات الحديثة والمتقدمة للغاية قد ساعدتنا كثيرا فى تحديد أسباب وعلاج الكثير من هذه الحالات التى لا يكتب لها النجاح فى محاولات سابقة.
لقد ثبت علميا أنه فى كثير من الحالات السابق ذكرها يوجد عامل مشترك يربط بينهما وهذا العامل هو زيادة سمك الطبقه الخارجية أو الجدار الخارجى للبويضة والجنين والمعروفة باسم (zona pellucida) . من الثابت أيضا أن هذه الطبقة الخارجية توجد بشكل طبيعى وتحيط بالبويضة بداية من مراحلها الأولى لتساعد على حمايتها من المؤثرات الخارجية الضارة التى قد تتعرض لها حيث يتم تخصيبها بالحيوان المنوى من الزوج. ويستمر وجود هذه الطبقة بعد ذلك أثناء انقسام البويضة المخصبة وتكوين الجنين ذى الخلايا المتعددة وحتى يتم دخول الجنين للرحم وبعد ذلك يحدث إذابة تلقائية وتدريجية لهذه الطبقة وينتج عن هذا إشارات هرمونية متبادلة بين الجنين وبطانة الرحم يحدث بعدها خروج للجنين من داخل هذه الطبقة لخارجها وتنتهى بانغراس الجنين ببطانة الرحم تدريجيا ومن ثم حدوث الحمل.
إن زيادة سمك هذه الطبقه الخارجية للجنين عن الحد الطبيعى والتى قد تحدث فى الحالات السابق ذكرها يؤدى إلى عدم قدرة الحيوان المنوى على اختراق هذه الطبقة، وبالتالى عدم حدوث التخصيب وعدم حدوث الحمل كما أن استخدام تقنية الحقن المجهرى وحدوث التخصيب للبويضة والانقسام المتكرر وتكون الجنين مع استمرار وجود مثل هذا الجدار الخارجى السميك بعد زراعة الأجنة داخل الرحم قد يؤدى إلى عدم انغراس الأجنة ببطانة الرحم فيما يعرف باسم ((implantation failure والذى يمثل السبب الرئيسى لعدم حدوث الحمل بعد الحقن المجهرى وأطفال الأنابيب. تزداد سمك هذه الطبقه فى السيدات بعد سن الأربعين وكذلك فى السيدات اللاتى تعانين من فشل متكرر للحقن المجهرى بدون سبب واضح وكذلك عند استخدام الأجنة التى سبق تجميدها بعد محاولات سابقة للحقن المجهرى حيث وجد أن طريقة تجميد الأجنة والاحتفاظ بها لفترات طويلة تزيد من سمك هذه الطبقة الخارجية وبالتالى فشل حدوث الحمل عند زرعها بداخل الرحم.
ويجب الإشارة أيضا إلى أن قياس سمك هذه الطبقة الخارجية للبويضة والجنين تحتاج إلى خبرة ومهارة وكذلك توافر بعض الأجهزة المتقدمة التى قد لا تتوافر فى جميع مراكز الإخصاب. ولكن عند قياسها بالشكل الصحيح يمكن الوصول إلى السبب الحقيقى للفشل المتكرر لكثير من حالات الحقن المجهرى.
من أهم التقنيات المستخدمة فى علاج مثل هذا النوع من المشكلات هو استخدام الليزر وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورا كبيرا وظهور أنواع حديثة للغاية من أجهزة الليزر والتى يمكن استخدامها فى خطوات الحقن المجهرى المختلفة وتم استخدامها فى الولايات المتحده الأمريكية وأوربا بموافقة منظمة الأدوية والأغذية الأمريكية FDA وكذلك هيئة الرقابة على الإخصاب المعملى والأجنة البريطانية HFEA ) ) والتى تشترط أعلى درجات الدقة والأمان فى استخدام مثل هذه الطريقة.
من أهم استخدامات الليزر فى مجال الحقن المجهرى ما يعرف باسم Laser assisted hatching (LAH ) أو طريقة Laser drilling حيث تستخدم هذه الطريقة فى مرحلة ما قبل إدخال الأجنة للرحم وبواستطها يمكن إحداث ثقوب صغيرة للغاية فى أماكن محددة بالجدار الخارجى للأجنة ويمكن إجراء مثل هذه الثقوب بعدة طرق مختلفة من هذه الطرق ما يسمى partial LAH أو طريقة Quarter LAH وتتميز هذه الطريقة الأخيرة بأعلى نسبة نجاح وفيها يتم احداث ثقوب متقاربة لتشمل ربع مساحة الطبقة الخارجية للجنين.
فى جميع هذه الطرق تقوم الوحدة المركزية لجهاز الليزر بتكوين شعاع الليزر غير مرئى للعين البشرية ((Laser diode beam حيث يبلغ طول موجة هذا الشعاع 1.48 ميكرو متر وبطاقة قدرتها من
100-200 ميكروات ويتم نقل هذا الشعاع من خلال كابل خاص يتكون من ألياف بصرية دقيقة للغاية متصلة بميكروسكوب حيث يمر شعاع الليزر الى داخل العدسة المكبرة الخاصة بالميكروسكوب ويتم توجيه هذا الشعاع بدقه متناهية تصل إلى 1 ميكرو متر إلى الجدار الخارجى للجنين فى زمن مقداره 1-50 ملى ثانية.
يمكن استخدام الليزر أيضا أثناء الحقن المجهرى لإحداث ثقب بالطبقة الخارجية للبويضة يمكن من خلاله إدخال الحيوان المنوى لداخل البويضة بسهولة فى حالات صعوبة اختراق هذا الجدار بالطريقة العادية.
كذلك فإن أحدث الطرق يتم فيها استخدام الليزر وتعرف باسمPGD أو الفحص الوراثى للأجنة، حيث يتم إحداث ثقب صغير بواسطة شعاع الليزر فى الجدار الخارجى للجنين ومن خلال هذا الثقب يمكن استخراج خلية واحدة من خلايا الجنين حيث يتم تحليل هذه الخلية لمعرفة الأمراض الوراثية، وكذلك معرفة جنس الجنين ذكرا أو أنثى وانتقاء أفضل الأجنة والخالية من الأمراض لزرعها بالرحم.
يستخدم الليزر أيضا فى اختيار الحيوان المنوى أثناء الحقن المجهرى حيث يتم تسليط شعاع الليزر على نقطة محددة للحيوان المنوى يؤدى ذلك إلى إبطاء حركته وبالتالى سهولة التقاطه للحقن المجهرى فيما يعرف باسم Sperm immobilization laser.
إن استخدام الليزر مع الحقن المجهرى يؤدى إلى زيادة كبيرة فى نسب حدوث الحمل ولكن يحتاج إلى خبرة ومهارة كبيرة، وفى مراكز تقوم باستخدام كل ما سبق ذكره من تقنيات حديثة، وكذلك تطبيق كل معايير الجودة بما يمكن تحقيق أعلى نسب للنجاح فى حدوث الحمل وخاصة فى حالات كثيرة لم يكتب لها النجاح فى محاولات سابقة.
الكاتب: سحر الشيمي
المصدر: موقع اليوم السابع